عزيز أخنوش إياك أن تفعلها..بحق السماء والأرض لا ترحل
أحمد الجَـــلالي
في عقل كل مغربية ومغربي ـ وأنا منهم ــ مغرب متخيل ممكن، وفي وعينا جميعا بشاعات في الوطن نتمنى أن تزول وهي مُمانعة حد الإدهاش، واليوم صار في عقلونا جميعا مغربي اسمه عزيز أخنوش.
المغرب/الحلم الذي على بالي ليل نهار لم أكن أتوقع أن أطوي نصف قرن من هذا العمر الشقي حتى أرى أن قصارى ما أمست تطله شبيبة شعبي هة حرية الارتماء في أحضان الأمواج.
وبدل أن يكون “دعوني أعيش” عنوانا للمزاج العام أصبح “اتركوني أموت” لسان الحال ومبشرا بسواد المآل.
في يوم 25 من أكتوبر 2021 دبجت مقالة على هذا الموقع وعنونتها كالتالي “ما حاجة الدولة والمجتمع إلى حكومة تشعل الفتن وتهدد استقرار البلاد؟”.
كان موضوعا/موقفا صادما من صحافي كاتب “تسرع” في الحكم على تجربة حكومية وهي في تحبو و “تحامل عليها بحقد” غير مبرر. وطبعا كان لتلك المقالة موجاتها الصوتية وصداها وارتداداتها..وثمنها.مرحبا بالأثمان التي ندفعها أصالة عن قناعاتنا ولسنا مستعدين لدفع فلس أغبر بالوكالة. الوكالة عمل المافيات وأمراء الحرب وليست مهمة حملة القلم وكتاب الرأي لوجه الله وتراب الأرض.
ولكن “الشعب” الذي وضعته دوما بين معقوفتين في عقلي إلى أن “أتبين أمره” يطالب اليوم أخنوش بالرحيل في هاشتاغ لا أرى فيه سوى فقاعة أخرى ستعبث بها رياح الأيام.
ولأن لا أحد أخذ مقالتي بجدية في التاريخ المشار إليه أعلاه فأنا ــ من باب إنا عكسنا عن وعي ــ أقول لعزيز أخنوش: رجاء، لا ترحل. إذ ما جدوى أن ترحل أنت ومن يدور في فلكك دون محاسبة تقرع الجرة بالجرة وتعد الدرهم وراء الدرهم وتقارن الفاتورة بالفاتورة؟ لا معنى لأن ترحل دون تقديم الحساب ليأتي من هم أسوأ منك فيجعلوننا نحن بالدموع إلى عهدك الزاهر الزاخر الفاخر؟
ابق معنا عزيزي أخنوش لتكمل مشروعك الحضاري في إعادة تربية “اشعيبة” وفقك نظريتك الفريدة في تحقيق الدولة الاجتماعية عبر إنقاص جحافل أبناء الحازقين ولو بتمكينهم من الارتماء في البحر، في إطار حرية التصرف في الجسد، ولا أظن أن زميلك وهبي، المحامي الفحل سيخذلك في الدفاع عن هذا الحق..اي والله.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإني ألوم كل من عاتبوك فقط لأنك رقصت فرحا بنصر انتخابي، واصطف ضد من استهجنوا موقف الطالبي العلمي فقط لأنه ” ترنح فرحا” ببضعة آلاف حضروا مهرجانا حزبيا.
فإذا كان من حق ضحايا فيضانات الجنوب الشرقي أن “يعيشوا حزنهم” فليس حراما أن “يعيش الأحرار” فرحهم السياسي والانتخابي والاستثماري والشبيبي والنسائي.
لا يزايدن علي أحد بالاستدراك: ولكن هناك فاجعتان واحدة في الجنوب وأخرى في الشمال/الفنيدق، وإننا كشعب مغربي يجب أن نكون جسدا واحدا وأسرة موحدة كبيرة.
تلك أضغاث أحلام في عقلك فقط يا صديقي:
ــ لأننا لا يمكن أن نكون جسدا واحدا أبدا، وثمة فرق ضخم بين جسد يصرف عليه قوم آلاف الدراهم شهريا فقط في الماكياج والرشاقة ليضل “الغاشوش” واقفا والجلد مثل ظهر طبل مشدودا، فيما أجساد “الغاشي” مشكودرة تسعد أيما سعادة إن هي وفرت لأبدانها مكونات المرقة والدواز.
وتأتي بعد كل هذا وغيره لا يصدق لتطلب من علية المغرب أن نكون جسما واحدا: اتقوا الله في أنفسك وفي أجسامكم وفينا.
لست ممن يتواطؤون لكي نبخس الناس أشياءهم. وأشياء أخنوش ومغرب كأس العالم غالية وكثير وباهظة الثمن، فما يضيركم أن تتكفلوا أنتم ونسلكم غير الكريم كليا بدفعها ما دمتم لا تفقهون شيئا في النضارة والحضارة؟ ادفعوا واخرسوا…كي تدخلوا الجنة بغير حساب.
ولأني صحافي “موضوعي” بطبعي فقد شكرت عزيز أخنوش في سري، لأنه أنقذ ذائقتي الفنية من تخلف منطقي وتاريخي، أنا الذي بقيت ملتصقا بكاسيط لمشاهب وخصوصا ذلك الشريط الأزرق المعنون بـ”مجنون هذا العالم” ولولا “طوطو رضي الوقت عنه” لما فهمت أن “العالم مهبول” وليس مجنونا.
شكرا سي عزيز على منحي فرصة هذا الوعي الحضاري الذي لا يقدر بذهب ولا فضة.
ثم ماذا؟
لا شيء تقريبا يسترعي الانتباه ولا اليقظة ولا حتى التذكر.
ولست أتجنى على أحد، ودليلي أن عقلي الصغير لن يكون أحكم من وزير سابق هو عزيز رباح الذي دبج منشورا طويلا جدا يحث فيه على التمسك بالأمل ومحاربة اليأس لأن “الخير أمام”.
ولن أكون شريرا فأقوم بتأويل كلام سعادة الوزير السابق بأنه يبعث رسالة مشفرة إلى الشباب تحيل في الذاكرة الجمعية الشعبية إلى “البحر أمام..كم”..لا لست خسيسا إلى هذا الحد، ففي كل الأحوال الناس لبعضها والرباح ابن بلدة ليس بينها ومسقط خبز أجدادي سوى قنطرة تفصل التغاري عن “قطاع محمد الخامس”.
بعون الله االحكومة باقية…من دون “تعديل” حتى..لأن في التعديل هدرا للطاقة في جدالات وتطاحنات داخلية لأحزاب التحالف الحكومي.
بإذن المولى فإن الناس سوف يتعودون على مزيد من الغلاء ويصبح الأمر مألوفا…والعقبى لوجبة واحدة خلا 24 ساعة حفظا للمال وتدريبا للمعدة على الجوع المساعد على إفراز أمثل للتيستوستيرون العامل المسؤول عن القدرة الرهيبة لذكور اشعيبة في نفخ بطون الزوجات سنويا وبانتظام يدهش الهند والسند واليابان وكل قوم بني أصفر.
وبإذن السميع العليم فإن المؤسسات ذات الصلة سمعت وعلمت بما حصل وما دار في المجاميع والشوارع والمقاهي والجلسات الخاصة وأُخذ علما بما حصل هذه الأيام…وستمضي الأيام والشهور والسنون برتابتها المعهودة…ومريضنا لا باس عليه.
وبمشيئة الرحيم الرحمان “أمورنا زينة” ولم لا تكون كذلك ونحن أمة محفوظة “في اللوح المحفوظ” من كل تغيير أو تبديل أو تحويل…نحن من عكسنا عقارب الساعة…وأين منا مصر التي قال فيها الشاعر “الزمن رايح وانت جاية”؟
ولكل هذا يا سادة دعوا أخنوش في مكانه واحترموا فرحه ولا تقلقوا راحته ولا سكونه…حرام أن يرحل.
ولنفرض أن عزيز أخنوش رحل أو تم ترحيله وأتى زعيم على مقاسكم ووفق هواكم وكان عادلا عدل أحد العمرين وبسط شرعته وحكم العقل والمنطق ولم يجامل..ما الضامن أنكم لن تكونوا من يثورون عليه ويطيحونه..ثم يشنقونه؟
أخنوش أيها المغوار لا ترحل ولا عليك من “الشعب”، انس فجوره ومجونه..ابق كما أنت كي أقول فيك كلاما معسولا فات ابن بلدتك المختار أن يضيغه إذ خانته ظنونه…أما أنا فلا ظنون لي ولا أوهام بقيت كي أقايض بها حلم التغيير كل فينه…فبأم عيني رأيتهم حين مزقوا الأشرعة وأحرقوا السفينه.
في الختام يا عزيز أخنوش : تقبل تحياتي الدفينة وتيقن ألا دمعة لي على خد لأني من زمان دفت الزمن وقدمت لقبيلتي ــ عن بكرة جدهاـ تعازينا لنا فينا.