هل أنتم مقبلون على “نكاح”؟..أبشروا..الوزير وهبي في خدمتكم

 أحمد الجَـــلالي

بقدر ما تعمل حكومة أخنوش ليل نهار على شد أعصاب الشعب المغربي عبر قرارات خرقاء لا هدف لها في النهاية سوى طحن ما تبقى من القدرة الشرائية للمواطنين، فإن بعضا من وزراء حكومة “الغيلوف” لا يعدمون مواهب تكفي لإثارة السخرية السوداء لدى السواد الأعظم من مزاليط الأمة.

ولأن منسوب “زلاغ” طلع فوق قمم الرؤوس ونبش عميقا في الأدمغة فقد ارتأى وزير العدل والتقاشر أن يخدمكم ويفرح قلوبكم وأفدتكن بفكرة مثيرة ترمي إلى إسعاد “بنادم” من خلال ضمان تأهيل المقبلين على إبرام “عقود النكاح” كي لا يصل بهم الأمر أشهرا بعد الزواج إلى فض “البيعة وشرية” لدى محاكم الأسرة.

ولا ريب أن ما دفع وهبي إلى هذه المبادرة هو ما لمسه من هول أرقام الطلاق في المحاكم المغربية، حيث أصبح جمهور الراغبين في الطلاق بردهات المحاكم يفوق تعداد جماهير كرة السلة في المملكة.

ومن بساطة وسذاجة الوزير أنه يختصر الأزمة في معطيات تقنية لا تتطلب سوى بعض “الكوتشين الحكومي” فتصبح البيوت والأسر بضربة واحدة مزارع لشرية ترفل بالسعادة وتخلف صبيانا وبناتا ويسعد الناس أحياء وأمواتا.

الوزير يتصرف وكأنه لا يعرف أن الناس رغبوا عن إكمال دينهم بسبب قلة الشيء والميزيريا التي جعلت من يحدث الناس عن رغبته في الزواج يزهر بمظهر “المسطي”.

والوزير لا يريد أن يعترف أن معدل الداخلين في وطني سنويا تحت أعتاب الفقر الأسود وصل أرقاما تقول الحقيقة عارية: لا زواج بعد اليوم ولا إنجاب…ومن يريد أن “يفش غله” فما عاد في الأسواق أرخص من اللحوم البشرية.

والوزير بما له من امتيازات مالية ضخمة ومهنة محاماة تذر الثروات لا يكترث لمن فقدوا ليس العمل فحسب بل كل الأمل في معاودة الحصول على مصدر خبز يكفي لسد الرمق وكفى.

 ووهبي وأمثاله في مكاتبهم المكيفة تكييفا يبعث على الرغبة في الاسترخاء ومباشرة أحلام وردية لا نلومهم إن جنحوا إلى “منامات” هي في الحقيقة طنزات على الشعب الذي ــ بحكم ما وقع وسيقع ــ هو من صوت عليهم وأوصلهم إلى نعيم الانتماء للحكومة. فقوم “بنو ويزار” يعيشون في عالم لهم مقاييسه الخاصة.

سيستمر الطلاق ومعه فواجع التفكك الأسري في المغرب وما لها من كوارث على الطفولة والنساء المطلقات ولا راد لهذه المصيبة سوى العدالة الاجتماعية التي كف وهبي عن الحديث عنها بعد أن استوزر وبلع تصريحاته عن “جود” وأرباح ملايير المحروقات التي طالب أخنوش ــ طبعا قبل زمان الوصل في تاويزاريت ـ بإرجاعها.

سيواصل شبات وشابات وطننا الابتعاد عن فكرة الزواج حتى تصبح قريبا لديهم مدعاة للاستغراب و الاستهجان. نعم، وهم معذورون لأن الزواج يعني توفير شروط الاستقرار المادي من عمل وسكن وخلافهما أولا ثم البحث عن الشريك المناسب لتشييد عش يحتضن الفراخ ويسهر على تربيتهم وتغذيتهم وتعليمهم. وكل ما يعيشه شبان ورجال بلادنا يبشر بمستقبل مظلم قاتم.

  لقد تعرضت الأسرة المغربية لضربات قوية تكاد تعصف بأساسها فأدت تقريبا إلى تجريف كل المفاهيم والضمانات الواقعية و الأخلاقية والثقافية والعرفية التي كانت صمام أمان استمرار الأسرة كخلية حيوية في الجسم الكبير الذي هو الوطن/المجمع.

إن جسما/وطنا نخرت خلاياه/أسره أورام وسرطانات خبيثة تسربت إليه عبر إعلام مدمر داخليا وخارجيا، ومن خلال مدرسة أقاموا لها مأثما وعويلا قبل عقود، محكوم بالموت التدريجي، لأنه فقد الترياق الذي يبقي على المناعة الضرورية لاشتغال الأعضاء الحيوية. هذه حقيقة اجتماعية تعززها نظريات علمية صارت بديهية في عالم اليوم.

إن معدلات الطلاق ونسب الولادات خارج إطار الزواج وما يصاحبها من عمليات أجهاض وانتشار مخيف لأطفال الشوارع وجرائم بيدوفيليا ليست نتائج معزولة عن أسبابها. فالفساد المركب والإفساد الممنهج واللامبالاة رسميا والتطبيع مع هه المظاهر مجتمعيا كلها عناصر تقول بالضبط إلى أين نحن سائرون.

وحين يبدأ العقل الجمعي والضمير الكلي والذوق العام في مسايرة الواقع على اعتبار أنه لن يرتفع، فاعلموا يا ناس أن نسبة الأمل في الإصلاح تصبح شبه معدومة. واعلموا يا عالم أن تكلفة ما بعد خروج الأمور عن السيطرة ستصبح حتما فوق ما نطيق دولة ومجتمعا.

نعلم يقينا أن الحكومة والمستفيدين من الوضع لا يهمهم من بين ثنايا كل هذا الدمار الشامل سوى سؤال وحيد: كيف حال أرصدتنا هنا وهناك؟

حين تتعقد الأزمات إلى درجة يسكت فيها الكلام عن الكلام فلا مناص من أن ترفع الصحف وتجف الأقلام. واللحظة، جف حلقي وقلمي معا، وقبل إسدال ستار المداد أطلب من كل عبد لطيف، ليس وهبي، أن يقرأ معنا اللطيف أو يغني في نفسه:


يـا لطف الله الخافــي … الــطــف بـنــا فـيـمـا جـرات به الاقـدار
ارحمنا يا رحمان يا قديم الاحسان … لو واخدت بالعصيان كلنا عاصيين
لولا ضعف الايمان ما يجور الزمان … و يوليوا الطغيان بالقهر جايرين
و المسكين الهيمان فالشقا و المحان … يتمنى الموت عيان ما وجدها في حين”

www.achawari.com

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد