محمد بن توزالت
الإمام مالك رحمه الله ورضي عنه وأرضاه، وجزاه خيرا على ما قدم من حلول لزمانه، لكنه مات وشبع موتا من سنين. فمنذ متى؟؟ كان الأموات يشرعون ويجدون حلولا لأحياء بينهم وبينهم قرون من الزمان، غير الأنبياء المأمور بالاقتداء بهم شرعا وفي سلوكهم ونهجهم القويم فقط؟
أما هم أيضا وهم أنبياء مكرمون وعلى رأسنا وهم سادتنا، فلا حق لهم في التشريع ابتداء إلا في تفصيل مجمل يحتاج تفصيلا؛ كطريقة أداء العبادات التي تحتاج إلى ذلك وفقط، وإلا فالمشرع الحق هو الله سبحانه وتعالى وحده بغير ما دليل واضح في كتابه الكريم، وتشريعه أيضا في شقه الاجتماعي المرتبط بالمتغير من أحوال الناس وشؤونهم الدنيوية، محكوم بالزمان والمكان والحال، أي زمان نزول الوحي أو ما يشبهه الموافق والصالح لأحوال العباد في زمان من الأزمان ومكان من الأمكنة.
ولأن الوحي انقطع ورب السماء قد ألقى آخر كلمة لأهل الأرض وأغلق باب النبوءة نهائيا، فالأمر الآن ــ والى قيام الساعة ــ موكول للناس وإلى أولي الألباب والفهم منهم خاصة، في إيجاد حلول لمشاكلهم المستجدة وتحدياتهم الحديثة، طبعا دون إغفال المقاصد الكبرى والغايات العظمى لشرع الله ووحيه، وعلى رأسها إقامة وتحقيق العدل بين الناس وتنفيس كربهم وحل مشاكلهم النفسية وغيرها وتحقيق ما يُستطاع إليه سبيلا من سعادتهم وراحتهم…
ألا قليلا من الفهم!!؟؟ أيها الجهلاء الكسالى، الذين نفوا عقولهم وعطلوها، ولا يزالون ينتظرون من أموات بليت عظامهم منذ أمد بعيد، أن يفتوا لهم في شؤونهم، ويجدوا لهم حلولا لمشاكلهم، وما استجد من أحوالهم الدنيوية المخالفة تماما وفي جميع تفاصيلها لما عاشوه وعاصروه أولئكم الأموات، جزاهم الله خيرا، على اجتهاداتهم وبذل كل وسعهم في إيجاد حلول لمعضلات زمانهم.
ولو بعثوا الآن من قبورهم وعايشونا لكان لهم شأن ورأي أخر. وفي الحال البئيسة هذه، يصح أن يعتبر أولئكم الأئمة الأموات أحياء، ويجب أن يقال لهؤلاء الجهلة الكسالى المتصدرين للكلام في الدين والدفاع عنه بغير فقه رزين ولا صدق متين، ويتصرفون كأن في جعبتهم وحدهم صكوكا موقعة من رب العالمين دون سواهم، يأمرهم فيها بهذا، ويفوض لهم جزءا غير يسير من صلاحياته -لا إله إلا هو- التي لم تعط حتى لأنبيائه ورسله المكرمين…
وفي الختام، السلام على من اتبع الهدى ورُزق الفهم والحكمة، وآجرنا الله وإياكم في هؤلاء الرؤوس الجهال الذين ضلوا وأضلوا، وأضاعوا أنفسهم وأضاعوا أوطانهم، والكثير من شباب هذه الأمة المكلومة التي نرجو من الله العلي القدير أن ييسر لها من الأسباب ما تنهض به من سباتها العميق، وأن يعيدها إلى تدبر وفهم كتاب ربها، وأن يصلح به آخرها كما أصلح به أولها… آمين آمين