في كل مناسبة دينية أو وطنية بالمغرب كانت أعناق السجناء وذويهم تشرئب إلى السماء داعية أن يحصلوا على عفو ملكي يعفيهم مما تبقى من سنوات السجن القاسية. منهم من ينل هذا العفو ومنهم من لا يفقد الأمل وينتظر.وكان السؤال الحارق دائما: هل صدر عفو عن فلان؟ لماذا ليس هناك عفو عن فلان؟
وفي ما يخص شريحة من السجناء المغاربة وهم الصحافيون وذووهم وزملاؤهم لم يكن الأمر استثنائيا من حيث الرغبة في العفو والخلاص. غير أن خيبة الأمل كانت طيلة السنوات الأخيرة تلف من خارج السجن فكيف بمن يقبع فيه؟
ولكن اليوم الاثنين، مساءا تحديدا، سيبقى في ذاكرة الإعلاميين المغاربة زمنا طويلا: من حيث لم يكن أحد ينتظر تقريبا عفا الملك عن ثلاثة زملاء كانت لهم مكانتهم في المشهد الصحافي الوطني من قبل ولكن تجربة السجن زادهم رمزية؟
يتعلق الأمر بتوفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي. لقد تم العفو عنهم فعلا..ويا لسعادة أسرهم وابنائهم وأقاربهم وكثير من زملائهم.
في “الشوارع” نقول لزملائنا حمدا لله على سلامتكم ومرحبا بكم وكل الأمل أن تعودوا سريعا إلى المهنة التي أعطيتموها من أعماركم وصحتكم وحريتكم؟
المغرب أسرة واحدة، وما حصل في الماضي يجب أن يبقى في الماضي والأهم هو غدا..المستقبل.
يقينا، ورغم تقديرنا للثمن الباهظ لتجربة السجن، فإن هؤلاء الزملاء قادرون على العودة إلى الميدان بأفق أوسع وعقل أرجح وشخصيات اقوى وثقة أكبر في النفس.
وقد استفاد أيضا مجموعة من النشطاء وهم رضا الطاوجني ويوسف الحيرش وسعيدة العلمي ومحمد قنزوز (مول القرطاسة)؛ وذلك بعد قضائهم مددا متباينة من العقوبات السالبة للحرية على ذمة أحكام في ملفات قضائية مختلفة.
كما هم العفو الملكي بمناسبة عيد العرش مجموعة أخرى مدانة قضائيا في حالة سراح، ويتعلق الأمر بكل من عماد استيتو وعفاف براني، إلى جانب هشام منصوري وعبد الصمد آيت عيشة.
كما يوجد بين المستفيدين من عفو الملك محمد السادس، الذي كشفت عنه وزارة العدل مساء اليوم الاثنين، 16 مدانا بمقتضيات قانون مكافحة الإرهاب؛ وذلك بعد إعادة تأهيلهم من خلال برنامج “مصالحة” وقبولهم بإجراء مراجعات فكرية تنبذ التطرف واللجوء إلى العنف.
وفي رد فعل على العفو الملكي عن الصحافيين منهم توفيق بوعشرين، عمر الراضي، وسليمان الريسوني، كتب مصطفى الرميد وزير العدل الأسبق، تدوينة قال فيها « شكرا لله أولا، ثم لجلالة الملك، حفظه الله وأعز أمره… ».
وأضاف « حصل الذي كان منتظرا لدى البعض، ومستبعدا لدى البعض الآخر… فقد أصدر جلالة الملك عفوه الكريم على ثلة من الصحافيين والنشطاء السياسيين، وغيرهم بمناسبة عيد العرش المجيد… من حق محبي جلالته، وأنا واحد منهم، أن نفخر بحكمته. ومن واجب غيرنا أن يعترف بحنكته.
مرة أخرى، يقول الرميد « شكرا جلالة الملك، ظننا بك خيرا، فأبيت إلا أن تؤكد بمناسبة عيد العرش المجيد أنك ستبقى دائما منبعا للخير والرحمة ».
وأضاف « شكرا لكل مساعديك الأفاضل الذين ساهموا في هذا الإنجاز الوطني النبيل… وإن شاء الله، مازلنا نظن بملكنا خيرا، وننتظر منه المزيد، وعسى أن يكون ذلك قريبا، بإذنه تعالى…وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
وليس صعبا تأويل عبارة الرميد ” مازلنا نظن بملكنا خيرا، وننتظر منه المزيد” فهو يلمح ويرجو من الملك أن يتكرم بعفو عن نشطاء الريف، ذلك الملف الذي لا سبيل لحله غير إعمال صلاحيات الملك في اصدار عفو، وهي الآلية المغربية الاستثنائية من بين كثير من بلدان العالم. ولا شيء مستحيل في مغرب قوي.
بعد شكر الله تعالى شكر الملك واجب، فمن لم يشكر الناس ما شكر الله، كما جاء في الأثر.