من قال إن الغربي علمي وعلماني وبالتالي قطع الصلات مع الخرافة والكهنوت؟ الأمر ليس حقيقيا، وهاهو رئيس بلدية بفرنسا يلجأ لخدمات العرافة والشعوذة عبر كهنة ليوقف سيل أمطار غزيرة منهمرة على بلدته من رب السماء.
فقد أصدر رئيس بلدية بلدة فرنسية غاضب من الأمطار الغزيرة في الصيف، أمراً بأن تشرق الشمس، مشجعاً رجال الدين على بدء “اتصالات ذات أولوية قصوى مع السماء” للمساعدة في إنهاء موجة غير عادية من الطقس الرطب تجتاح قريته.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية الأسبوع الماضي إن الأمطار هطلت في حزيران/ يونيو بنسبة 20 بالمئة أكثر من المعدل المعتاد خلال الفترة من 1991 إلى 2020، مع هطول أمطار توازي ضعفي المتساقطات المعتادة في بعض المناطق.
وقال دانييل ماريير، وهو رئيس بلدية قرية كولونس الصغيرة في منطقة نورماندي، لوكالة فرانس برس: “لم أشهد طقسا مثل هذا من قبل” في تموز/ يوليو.
وأضاف: “صباح أمس، كانت الأمطار تهطل، وكانت السماء رمادية والرؤية كانت سيئة. وكنت بحاجة إلى إضاءة الأضواء داخل المنزل”.
وأصدر رئيس بلدية القرية التي تضم 227 نسمة، الثلاثاء أمراً جاء فيه: “بموجب هذا الأمر… في شهر غشت وسبتمبر ولمَ لا في أكتوبر، يجب أن يتوقف المطر وتحل محله شمس مشرقة ونسيم خفيف”.
وأضاف: “على كهنة الأبرشيات في جميع أنحاء شمال فرنسا المساهمة من خلال التواصل ذي الأولوية القصوى مع السماء، وبالتالي فإنهم سيكونون مسؤولين عن تنفيذ هذه القاعدة”.
وقال ماريير إن كثيرين من السكان تواصلوا معه منذ ذلك الحين لشكره.
تعليق:
وتساءلت البي بي سي قبل سنوات بالقول: علمنة فرنسية ذات وجه كاثوليكي؟
ونشرت أن الدولة الفرنسية تعتمد نظاماً علمانياً تاماً ضارباً في القدم، وهو جزء من إرث الثورة الفرنسية، وفلاسفتها التنويريين الذين نظّروا لفصل الكنيسة عن الدولة والمجتمع.
وبحسب “قانون الفصل بين الكنائس والدولة” الصادر خلال الجمهورية الثالثة عام 1905، فإنّ “الجمهورية (الفرنسية) لا تدين بأي معتقد، ولا تموّل أو تدعم أي طائفة”.
فصل ذلك القانون الدولة عن الكنيسة بكافة مؤسساتها التشريعية والتعليمية والإدارية، ومنع الإكليروس من تشكيل أحزاب والانخراط في السياسة، وحوّل دور العبادة إلى ملكيات عامّة، وحظر استخدام الرموز الدينية في المؤسسات الحكومية.
بودكاست يومي يتابع التطورات الميدانية والإنسانية في قطاع غزة من خلال مشاهدات الغزيين ومتابعات الصحفيين والمراسلين والخبراء في الشأن الإنساني.
يقول الكاتب اللبناني، وسام سعادة لـ”بي بي سي عربي”، إنّ نموذج العلمنة الفرنسية نشأ على “خلفية إخفاق محاولات إخضاع الكنيسة والدين لمنظومة الدولة، والصراع الحاد مع الإكليروس بعد فرض التنظيم المدني عليه عام 1791، خلال الثورة الفرنسية”.
على المقلب الآخر، انتهجت الإمبراطورية الفرنسية في مستعمراتها ذات الأغلبية المسلمة، سياسة مختلفة لتنظيم العلاقة مع الإفتاء ورجال الدين، من خلال ربطهم بمؤسسات الدولة.