“أحمد الفارابي” قناة لصنع المحتوى الراقي في بحر التفاهة المتلاطم

الشوارع/المحرر

في هذا اليم الرقمي المتلاطم حيث الهرج والمرج وجعجعات بلا طحين وبالتالي لا خبز ولا فائدة، صار من الصعب حدا العثور على قنوات تستحق أن تمنحها وقتك من أجل التعلم والارتقاء.

حروب الشبكة العنكبوتية فرقت المجمعات وحتى الطبقات إلى شيع متطاحنة خارج أية رقابة، اللهم رقابة منصات التناحر الاجتماعي نفسها، حين تريد كتم خطاب بعينه لصالح بروباغندات بذاتها.

على صعيد محتوى مشهد الانترنت العربي قد يكون الأمر أكثر سوءا على اعتبار أن التخلف ملة واحدة سواء في الأمية متعددة الأبعاد أو التسيب الاجتماعي والأخلاقي والضحالة المعرفية. فليس المحوى المعمم إلا ترجمة وانعكاسا للواقع المشرقي كما هو.

لكن ثمة فلتات قليلة جدا تسبح عكس تيار التفاهة والعهر الجارفين. من هذه الاستثناءات الجميلة قناة “أحمد الفارابي”، ذلك الرجل العراقي الأصيل نخوة وثقافة وحضورا وتمكنا مما يقول ترتيبا وأسلوبا وعرضا وإيمانا.

وجه لا يستطيع أن يخفي حزنا دفيا كأي عربي عراقي مر بما مرت به أمته من ويلات، وأيضا لسان وعقل لا يخفيان عراقة مثقف مصارع للحياة وصامد أمام عواصفها.

ورغم نخبوية القناة التي تتناول حصريا قضايا فكرية وأدبية وفلسفية وعلمية عميقة فقد وصل عدد المشتركين بها عشرات الألوف. وفي هذا الأمر جواب على مقولة “الجمهور عاوز..” لا يا سادة “الجمهور” يريد الجيد في الأصل، فلا تسقوه بشلالات الرداءة ثم تتهموه بأنه من فرضها.

“الشوارع” تابعت حلقات الفارابي، وهو اسم له دلالته، وتوصلت إلى أن القناة عبر صاحبها صارت مكتبة ومدرجا مجانيا لتلقي دروس الفكر مبسطة وقابلة للهضم.

ولو أن في كل بلد عربي بضعة “فارابيين” لكان صنع رأي عالم مختلف، ولو أن أساتذة ومتخصصين استيقظوا من زمنهم الورقي والمكتبي وزاحموا “المتكلمين التافهين” الذين استحوذوا على المنصات وصاروا مؤثرين عنوة لأن المقاعد تركت لهم، لتغيرت المعادلة تماما وعاد الرقي للعقل والذوق العام.

نتمنى لأحمد الفارابي مزيدا من العطاء ولقناته مزيد انتشار، ونرجو من كل المثقفين العرب  بالمشرق والمغرب الخروج إلى الشاشة لأخذ مكانهم ومكانتهم من أجل إنسان المستقبل الذي تسحقه آلات المسخ الجهنمي عبر الانترنت من “الالعاب الالكترونية” مرورا بالقنوات الرقمية ووصولا إلى ما نجهله لكن تبدو ملامحه مخيفة على “النوع” البشري.

رابط أحدث حلقات القناة:

https://www.youtube.com/watch?v=IsmGr3PRFm0

www.achawari.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد