إلى “آل الشيخ” و “برلمان.كم”..هذا صوت المغرب “طال عمرو”

أحمد الجــــلالي

قبل بضعة أيام نشر موقع “برلمان.كوم” مقالة فيها من القوة ما يجعل القاريء الجديد للموقع أو المتصفح غير المغربي يظن أن الموقع يساري ثائر في وجه التخلف الخليجي، على الأقل.

اختارت إدارة تحرير الموقع المذكور عنوانا صادما هو “حين يتحول رعاة الإبل في السعودية والإمارات إلى أبطال لأفلام  جيمس بوند”، وتخلل المقال فيض من السخرية والكلام اللاذع في حق قيادتين خليجيتين هما إمارات بن زايد ومملكة ابن سلمان.

ومن بين العبارات القوية التي وردت تحت صورة تجمع ابن سلمان بعرابه ابن زايد نورد:

” إن الذي أشعل حروباً عبثية بالمنطقة، وقتل أبرياء بمناشير لا ترحم، وزج بنساء شريفات في غياهب السجون، ورشى أمريكا بأموال قذرة لتصمت على أفعاله، نسي أن التاريخ لم يرحم صدام ولا القذافي ولا زين العابدين ولا عبد الله صالح ولا الآخرين، فالتاريخ لا يكتبه شخص واحد بل تكتبه الأمم والشعوب”.

ولا داعي لاي تفسير لهذه الفقرة ولا تبيان من المقصود بها، الأمر واضح وضوح منشار من صنع ياباني تحت مصباح نور كشاف.

ولكن، ويا سبحان مبدل الأحوال، فبمجرد أن خرج المدعو تركي آل الشيخ أمس  رئيس  ما يسمى الهيئة العليا للترفيه في السعودية ورئيس الاتحاد العربي المزعوم لكرة القدم  بتدوينة منافقة مصحوبة بصورة له مع ملك المغرب، يعبر فيها  عن كونه يتشرف ” كرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم بان تكون النسخة الثانية من البطولة العربية تحمل مسمى غالي على كل العرب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي تكرم علينا بالموافقة…2020 النهائي في الرباط الغالية”.

نقول، بمجرد ما طلع “طال عمرو”  بهذا “الشيء” حتى “تدارك” الموقع “ثوريته” بمقالة جديدة ــ عساها تجب ما قبلها ــ عنونها هذه المرة بـ “الرسائل التي يحملها استقبال الملك محمد السادس للمسؤول السعودي آل الشيخ”، وختمها بهذه الفقرة “العجابية”: ولعل المؤشرات المتوفرة حاليا تتيح إمكانية تطور العلاقات خلال القادم من الأيام وتوقع إعادة الأجواء، واسترجاع المكانة التاريخية التي تحتلها المملكتان لدى بعضيهما البعض، والتي ظلت على الدوام مضربا للمثل، ومثالا يقتدى به للأخوة والصداقة والتعاون الدائم، بكل ما تحمله هذه القيم العالية من تقدير واحترام ومساندة في السراء والضراء”.

قبل أن ندندن حول هذه الصحافة في هذا القرن في هذه السنة من هذه الألفية، نشير إلى أنه من باب سخرية الاقدار أن المقالتين المتضاربتين، ضمن الخط التحريري نفسه، تجاورتا في رأس الصفحة الأولى، على ناصية الموقع..وكأن الأمر لا يعني تناحرا سكيزوفرينيا للسياسة التحريرية لهذه المنصة الإعلامية، بل مجرد خبري حوادث، وكفى.

الممارسة الصحافية توقع في الحرج أحيانا، هذه أمور نسلم بها لكن ليس إلى هذا الحد القاتل من التناقض، واعتناق الشيء وضده، والثورة على منطق ثم الانقلاب عليه وحشد الأصباغ وكل أنواع الطلاء للالتفاق على القبح بغاية تجميله.

لو ذكر الموقع أو ختم مقالته بموقفه الراسخ من الشخص والنظام الذي يمثله وأورد الخبر جافا، أو تحايل بطريقة مهنية ذكية، فلا بأس أما أن يقذف في عقول قرائه المفترضين رسالتين متناحرتين فذلك موقف لا نتمناه لأية إدارة تحرير، في أية صحيفة من الرباط إلى سيريلانكا.

إن نشر آل الشيخ صورته إلى جانب الملك و تدبيجه عبارة متكلفة غير كافيتين لكي يغفر له ملايين الشعب المغربي زلات لسانه وعقله في حقنا.

أن يطلق اتحاده الكروي اسم ملك المغرب على الدورة المقبلة من البطولة العربية فهذا لن يزيد في قيمة الملك ولن ينقص منها لأنه كما يقول المثل المغربي “سوق الجمعة عامر بلا بوجمعة” ولسوف تبقى الرباط رباط عزة وأرضا وعاصمة غالية، على أنف كل العربان من آل الشيخ إلى ابن زايد مرورا بأبي منشار ومن “بذره”.

إن الصيغة الوحيدة التي ربما كان يمكن أن تسهم في هضم كل هذا الآتي من السعودية، فلا أقل من تصريح صريح من قبل “مول الترفيه السعودي” يعتذر فيه بشدة للمغاربة على ما صدر منه ومن ولي أمره في حق هذا الشعب الأبي..أقول ربما كان في الموقف بعض العزاء.

ولكي يعرف كل من سيجد بنفسه “حتى” من هذا المقال/الموقف، فما عليه سوى بضع نقرات في محركات البحث ليتمتع بمواقف عشرات آلاف المغاربة من هذا المخلوق ومن “حضارته” وثقافته ودولته ونظامه ولباسه وشكه وأصله وفصله.

هكذا علينا أن نفكر ونكون ونعبر كمغاربة أولا، ومعتدين بأقلامنا وهويتنا المهنية ثانيا.

وإن خالفنا الرأي الرسمي أو الحكومي، فهذا من صميم عملنا، ولا يجب أن يجعلنا نرتعد ونقضقض قضقضقة مقرور أرعده البرد.

أليس الاختلاف رحمة؟ ومتى فسد للود قضية، إن كنا فعلا أصحاب قضايا وندافع عنها ما دمنا أحياء نرزق..؟

ثم ما فائدة صحافة وإعلام لا يملكان من أمر نفسيهما حتى قول “لا”.. أو “ولكن”..أو اقتراف استدراك أو تدبيج تعليق..؟

بل لا نبالغ إن قلنا إن صحافيين وساسة يحصرون   مهمتهم في التهليل والتطبيل ليضرون الدولة والشعب معا..حاضرا ومستقبلا،مقابل متاع دنيا قليل.

لا نزايد على أحد و لا نطلب من أي كان أن يصير عنترة زمانه،كما لا ندعي بطولة.

كل ما نبغيه هو صحافة تقول الحد الأدنى مما يجب قوله، في زمن صام فيه الساسة، وسكت فيه المفكرون، وصمت الشعراء والأدباء.

في النهاية لابد من قولها: صحافة لا توقظ ولا تزعج ليست صحافة..هي بوق دعاية سمج.

 نعم.هي بالضبط كما أسلفت.

www.achawari.com

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد