كان لخطاب عيد العرش الأخير أثر حقنة الحياة التي أعادت تنشيط الدورة الدموية للحياة السياسية والحزبية في المغرب، لا سيما بعد اجتماع وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مع قادة التنظيمات السياسية المغربية، والتي غاب عنها رئيس “الأحرار” أخنوش ورئيس “بيجيدي” بنكيران.
وفي هذا الصدد، دعا عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى استعادة الثقة في العملية الديمقراطية، ومحذرا من استمرار الالتفاف على إرادة المواطنين.
تصريحات بنكيران وردت خلال كلمته أثناء لقاء حزبي يوم أمس الأحد حيث قال: “نحن الآن ننطلق من إرادة ملكية لكي لا يُشار إلى المغرب بالبنان فيما يخص العملية الديمقراطية”، مضيفا أن هذه الفرصة لا يجب أن تضيع.
وانتقد زعيم “بيجيدي” ما نعته بـ”اللعب” الذي طبع الحياة السياسية، معتبرا أن زمن المجاملة انتهى. وصرح قائلا: “جاء وقت الجد، وهذا هو الهم الأصلي. نحن نريد أن ننجح، نعم، ولكن ليس ذلك شرطا لدينا. نحن قانعون بالمكانة التي ستمنحنا إياها الانتخابات الديمقراطية”.
وعرج بنكيران على “البلوكاج السياسي” بعد انتخابات 2016، معتبرا الطريقة التي تم بها تدبير الأمور منذ ذلك الحين “لم تعطِ نتيجة”، وأن “الدليل هو ما نراه ونسمعه اليوم”. وأضاف: “إذا كانت الأمور طبيعية، على رئيس الحكومة أن يقدم استقالته أو أن يخرج لتوضيح الأمور ويقول لنا إن ما يقال غير صحيح”.
وبنبرة جادة دعا بنكيران وزارة الداخلية إلى أن تتحمل مسؤوليتها بصرامة تجاه ما سماه بـ”الإفساد الانتخابي”، مبرزا أن المواطنين “أصبحوا في حالة تكاد تشبه اليأس من الديمقراطية، ومن الانتخابات، ومن الأحزاب السياسية”، مشيرا إلى أن هذا الأمر يجب أن يُؤخذ على محمل الجد.
وأكد بنكيران أن حزبه لا يسعى إلى “الانتقام”، معتبرا أن هذا السلوك “ليس من الأخلاق المحمودة”، مشددا على أن “ما حصل في انتخابات 2021 لا يمكن أن يُفهم إلا بكونه خارج القواعد الطبيعية”، مشيرا إلى أنه حتى الأشخاص الذين أعدوا لذلك “تفاجؤوا بالنتائج”. وأضاف: “قمنا بأخطاء، نعم، ولكن هذه الأخطاء لا تبرر تلك النتائج غير الطبيعية”.
وبمرارة لا تخفى أضاف بنكيران: “هذا البلد يبدو أحيانا وكأنه متخصص في الالتفاف على القضايا”، مستنكرا غياب التوضيحات حول ملفات مالية كبرى، ومضيفا: “قولوا لنا الحقيقة كما هي، ولا تكلفوا أولئك الذين يخرجون للتشويش”، داعيا إلى الوضوح والمصداقية باعتبارهما الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء.
وشدد المتحدث على أن الانتخابات المقبلة يجب أن تكون مختلفة، خالية من المال الفاسد ومن تدخلات رجال السلطة، مشددا على أهمية أن تكون العملية شفافة وتحت أنظار “أضواء الكاشفات”، على حد تعبيره. وأضاف: “نريد أن يأتي العالم ليراقب عندنا، لا أن نظل نلعب في الظل”.